على الرغم من كل الربط السابق بين تيار "المستقبل" وبعض الجماعات السلفية، لا يبدو أن العلاقة بين الجانبين في أحسن الأحوال، لا سيما في الأيام الأخيرة، حيث خرجت الخلافات في ما بينهما إلى العلن بشكل كبير، حتى أنها باتت توجه التهديدات بالتحرك ضد التيار.
قبل أيام قليلة، "فجر" أمين عام تيار "المستقبل" أحمد الحريري هذه العلاقة، من خلال الإتهامات التي وجهها إلى كل من إمام مسجد بلال بن رباح أحمد الأسير والشيخ سالم الرافعي، الأمر الذي دفعهما إلى توجيه إنتقادات لاذعة إلى التيار، فما هو مستقبل العلاقة بين الجانبين، لا سيما في ظل المعلومات عن إتصالات بينهما من أجل التهدئة؟
"مش رمانة"
الخلاف ما بين تيار "المستقبل" وبعض الجماعات السلفية ليس عبارة عن "رمانة" بل هي "قلوب مليانة"، بهذه العبارة تلخص مصادر صيداوية طبيعة العلاقة في ما بين الجانبين في هذه الأيام، حيث تشدد على أن "الإمتعاض" لدى التيار من حركات هذه الجماعات يعود إلى بداية سطوع نجمها، لا سيما في ما يتعلق بأحمد الأسير، الذي تمكن من سحب قرار الشارع في مدينة صيدا من يد التيار.
وتوضح المصادر نفسها أن الأسير إستطاع أن يتغلغل إلى بعض المجموعات التي كان يمون عليها التيار في الماضي، وتلفت إلى أن أحد قياديي "المستقبل" طلب من هذه المجموعات الخروج من الشارع في العديد من التحركات الأخيرة، لكنها لم تتجاوب معه كون سلطة قرارها باتت بيد الأسير.
بالإنتقال إلى العلاقة مع بعض الجماعات السلفية في منطقة الشمال، يوضح أحد المشايخ السلفيين أن بعض نواب التيار لديهم سلطة على بعض هذه الجماعات أكثر من قيادته، لكنه يؤكد أن العلاقة ليست على ما يرام، بسبب بعض المواقف التي تصدر من "البيت المستقبلي"، مع العلم أن هذه الجماعات إستطاعت أن تقوم بما لم يستطع التيار القيام به على مدى سنوات طويلة على صعيد المواجهة القائمة على الأرض، لا سيما في ما يتعلق بـ"معركة الحفاظ على كرامة الطائفة السنية".
هل تنجح الإتصالات بالوصول إلى تهدئة؟
على الرغم من أجواء التوتر المستمر بالعلن منذ أيام قليلة، تشير بعض المصادر إلى اتصالات حصلت من أجل التهدئة مع الشيخ الرافعي بعد إطلاق النار الذي تعرض له، ويكشف القيادي في تيار "المستقبل" النائب السابق مصطفى علوش أنه جرى توضيح بعض المواقف، ويلفت إلى أن الأمور على مستوى الجدل باتت من الماضي، لكنه يوضح أن لدى التيار ثوابته السياسية التي قد لا تتوافق مع هذه الجماعات.
ويشير علوش، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن التيار يتنافس مع هذه القوى من خلال قناعاته وثوابته التي تتخطى الإطار الطائفي الذي تنحصر هي فيه من خلال خطابها، وينفي الإنطباعات التي يتحدث عنها البعض فالكثيرون من جمهور التيار باتوا يؤيدون هذه الجماعات، بالرغم من أنها أعطت إنطباعاً بأن الشارع ذاهب نحو التطرف، ويلفت إلى أن الإتهامات التي كانت توجه إلى التيار بأنه يرعى هذه الجماعات تبين أنها باطلة.
على صعيد العلاقة مع الأسير، لا يبدو أن الإتصالات نجحت حتى الساعة في معالجة الخلاف القائم، والذي إشتكى منه إمام مسجد بلال بن رباح أكثر من مرة بسبب الإتهامات التي توجه له من قبل شخصيات في التيار، وتكشف المصادر الصيداوية عن أنه تحدث في غالبية الخطب والإجتماعات عن تحركات ينوي القيام بها بوجه التيار، لا سيما في ظل الضغوط التي تمارس على بعض مناصريه، وتلفت إلى أن الأسير دعا أتباعه إلى البقاء على جهوزية تامة لأي تحرك قد يقوم به، لكنها تتوقع أن لا يحصل ذلك.
في المحصلة، قد لا تنفجر العلاقة بين تيار "المستقبل" والجماعات السلفية خلال الأيام القليلة المقبلة، لكن من المتوقع أن تنفجر في المستقبل، بسبب التنافس على الشارع نفسه، لا سيما أن بعض المصادر تتوقع أن يحمل خطاب هذه الجماعات عناوين تتعلق بالساحة السنية حصراً في المرحلة المقبلة.